آخر يوم فى الامتحان ... قصة قصيرة بقلم الأستاذ / محمد فهمى


آخر يوم فى الامتحان بقلم محمد فهمى
آخر يوم فى امتحانات الثانوية  التجارية  ... الحمد لله خلصت بلا مذاكرة بلا مدارس  قالتها فاتن وهى عائدة إلى منزلها فى حى شبرا فقد عانت كثيرا فى مراحل التعليم فتاخرت عن زميلاتها عامين لأنها لم تكن تهتم بدراستها بقدر اهتمامها بجمالها ورشاقتها وقوامها الممشوق وعيونها الواسعة الجميلة وعطرها الذى يشمه أهل الحى  بمجرد أن تفتح باب الشقة . عادت فاتن فخلعت ملابسها وتركت شعرها يداعب الهواء ثم استلقت على سريرها  فحرارة الصيف تجبرها على التحلل من بعض ملابسها . أسفل العمارة ورشة  الأسطى  خضر الميكانيكى صاحب العمارة إنه  فى الأربعين من عمره تزوج مرتين لكنه فشل فيهما لأسباب لا يعلمها أحد فهو رجل ميسور الحال  عنده ملايين الجنيهات صاحب بنية قوية يشرب الخمر ويدخن بشراهة . يلقى بالكلمات الجوفاء كلما صعدت فاتن أو نزلت لكنها لا تلتفت إلى تلك الكلمات فهى تسمع أعذب الألحان الغزلية من طلاب الثانوية المجاورة أو حتى طلاب الجامعة الذين كانوا معها فى مراحل دراستها الطويلة فكم ألقت بشباكها على أحمد ثم عادل ومحمود وإسلام تأخذ ما تأخذ ثم تمزق حبال الود . لكن كلمات الأسطى خضر هذه المرة لم تكن جوفاء بل كانت رقيقة عذبة لم تصدق أذنيها من أين أتى هذا الجلف بهذه الكلمات " يا قمر الحارة كلها....  يا وردة فتحت فى أول الربيع " يا غزال وصياده واقف مستنى نظرة من عينيك  الحلوين  " مش ممكن أنا مش مصدقة . ما عسى هذه الكلمات أن تكون الرجل أكبر منى بعشرين سنة " بس نايم على تل فلوس " أنا نفسي فى عربية وشقة على النيل وفيلا وهدوم من أرقى محلات مصر " وماله تحت أمرك أحلامك أوامر وفرحك فى أحسن فندق فى مصر وحجيبلك فيفى عبده وديناالرقاصة  وعمرو"أبو دياب  "وقبل أن تظهر النتيجة كانت مراسم الزفاف تجوب شوارع القاهرة فى زفة لم يشهدها حى شبرا ولا الأحياء المجاورة . وانقضى  أسبوع العسل ما بين زيارات الأهل والأقارب أو فسحة على النيل ومرة سينما . وعاد الأسطى خضر لورشته منهمكا فى إصلاح السيارات فقد كان ماهرا فى إصلاح السيارات ولكنه لم يكن ماهرا فى إصلاح الزوجات فعاد بعد أسبوع ليجد أكثر من عشرين سيارة فى انتظار عودته .  فأصبح العمل مضاعفا ينزل من بيته فى الثامنة صباحا ويعود بعد منتصف الليل بشحومه وزيوته ورائحته الكريهة وملابسه المتسخة يلقى بحذائه على جانب السرير ويلقى بجسده على السرير " أحضر لك العشاء " يا ريت يافاتن " لحظة ويكون العشاء جاهزا . خمس دقائق مرت وعادت فاتن من المطبخ لتجد خضرا يغط فى نوم عميق وصوت شخيره يصل إلى العمارة المجاورة تحاول أن توقظه لكن دون جدوى .  تعود بأطباق الخيبة إلى حيث كانت وتذهب لمشاهدة التلفاز .فقد صار مؤنس وحدتها ومعلمها وصديقها وهكذا مضت تسعة أشهر لم تتغير عاداته أو طباعه ولم يصل رحمها منه شيء . تعب زوجها من كثرة العمل المتواصل فاضطر أن يأتى بصبي يساعده فى العمل فأتى له أحد أصدقائه بصبي يتيم يسعى على أمه وأخواته البنات . فعلمه بعض مهارات الصنعة وبدأ يعتمد عليه فى كثير من الأموروكان يبعثه كثيرا إلى البيت ليقضى بعض مصالح الزوجة  لم تعد فاتن تحتمل هذه العيشة برغم ما كان فى يديها من مجوهرات وأموال وسيارة حديثة وفساتين من أرقى بيوت الأزياء " أنا زهقت من العيشة دى " وأنا أعملك آيه ؟ يعنى آيه تعملى آيه؟ أنا موفر لك  كل حاجة   فلوس ودهب وعربية وعز مكنتيش تحلمى بيه " شعرت فاتن بكراهية للمال والمجوهرات والسيارة فلم تعد هذه الأشياء تشعرها بالمتعة والحرية . وفى يوم من الأيام دخل عليهخضر فجأة " اتفضل "  مين يا خضر؟  لا مفيش حد غريب  ده  صفوت بيه  ابن صاحب معرض السيارات .  فاتن مراتى يا صفوت بيه " أهلا وسهلا يا هانم " أهلا بيك يا صفوت بيه " قهوة صفوت بيه " سكر زيادة " حاضر . دخلت فاتن إلى المطبخ تعد فنجان القهوة ولكن عينيها ما زالت خلفها تتأمل ذلك الشاب الوسيم صاحب الثلاثين  ربيعا ربما تقل أو تزيد . وبسرعة عادت تحمل فنجان القهوة ووضعته أمام صفوت وصدرها المكشوف يكاد يسقط مع  فنجان القهوة ... لمحت فى خفية عيونه وقد افترست  ذلك الصدر فعادت إلى حجرتها وسجلت رقم  هاتفها فى ورقة ثم عادت لتحمل " الصينية " ووضعت رقم الهاتف أمامه فى غفلة من زوجها المنهمك فى عد"  مائة ألف جنيه "  ثمن سيارة جديدة سيشتريها من صفوت بيه وبعد يومين  دق هاتفها " ألو مين ؟ أنا صفوت . صفوت مين ؟ صفوت .اللى ... أيوه عرفتك . عاوز آيه يا صفوت بيه ؟ أنا قلت مش ممكن يكون القمر ده متجوز " برميل المخلل " وبعدين معاك . عموما أنا أعطيت رقمى  للصبي فى الورشة  ونبهت عليه لما المعلم يطلع شغل بره يتصل بى وأنا جايلك  بسرعة . وهكذا أحكم الصياد قبضته  على الفريسة التائهة وتكررت زيارته لها وكان الصبي حلقة الوصل بينهما وذات يوم خرج المعلم فى عمل خارج الورشة واتصل الصبي وذهب صفوت إلى فاتن ولكن القدر كان لهما بالمرصاد فقد استبطأ صاحب السيارة  الأسطى خضرا وجاء بغيره فعاد سريعا إلى الورشة ولكنه ارتاب فى الأمر فقد وجد نوافذ البيت مغلقة فصعد ليكتشف الأمر وفتح  برفق وقبل أن يدخل حجرة نومه دق هاتف محمول على الطاولة فتح الخط....  ألو يا صفوت بيه المعلم طالع أنا بلية صبى المعلم . غلا الدم فى عروقه فعاد إلى الورشة وبيده سكينا  غرسه فى رقبة الصبى وعاد مسرعا لينتقم من فاتن وصفوت فلم يجده ووجد فاتن وحدها رفع يدها بالسكين .. .صرخت فاتن  دخلت أمها  مسرعة"  خير يا بنتى خير " اللهم اجعله خير " .. كابوس ياماما كابوس . الحمد لله  تعالى يلا الغداء جاهز إنت  رحت الامتحان ورجعت على لحم بطنك وخلعت هدومك وهو ده اللى جابلك الكوابيس .
                                              

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امتحانات السنوات السابقة لمادة اللغة العربية للصف الثالث الثانوى وإجاباتها

آداب الصداقة لابن مسكويه للصف الثانى الثانوى

مكارم الأخلاق وحاتم الطائى شرح الأستاذ محمد فهمى